تهدف التربية السليمة إلى إحداث تغييرات مرغوبة في سلوك الأطفال وفي طرائق تفكيرهم ، وتلعب الحوافز المعنوية والمادية دوراً مؤثراً في تعزيز السلوك المحمود وتعديل السلوك المذموم لدى الطفل ، لذلك فإنه " يقع على عاتق الوالدين بالدرجة الأولى ممارسة الإثابة كمنهج أساسي تربوي في تسييس الطفل والسيطرة على سلوكه ، وتطويره تطويراً سليماً ومتكيفاً " فما هي الأسس التي يعتمد عليها المربون لتربية الطفل بمنهجية علمية ؟
يوظف المربون نوعين من أدوات التعزيز النوع الأول :حوافز معنوية اجتماعية وتنفذ بالبسمات والكلمات والحركات . واما النوع الثاني : فهو حوافز مادية بالهدايا والدرجات . ويستخدم الوالدان المستنيران والمعلمون المؤهلون هذه الأدوات لإثارة قابلية أطفالهم للتعلم بهدف توجيه سلوكهم إلى ما يرغبون في أن يكون أطفالهم عليه.
وتستطيع الأم أو المعلمة أن توظف وسائل التعزيز الآتية :
1ـ ابتسامة تنم عن الرضى عند كل عمل صالح يقوم به الطفل، وإذا كان الطفل على مقربة منها فإنها تحتضنه وتربت على كتفه وتقبله . ومعظم الأطفال يميلون إلى مثل هذا النوع من التعزيز ، ويستجيبون له بحماس ، غير أن بعضهم يفضل المكافآت المادية (كلارك 1993م) ومما يؤسف له أن بعض الأمهات والمعلمات يهملن هذه الوسائل بسبب جهلهن بآثارها، أو لانشغالهن عنها بأعمال أخرى، مما قد يترتب عليه فتور نشاط الطفل تجاه التعلم أو النشاط ، لأن تعزيز السلوك الإيجابي يجعل الطفل راغباً في تكريره وتطويره . وعلى سبيل المثال فإن الطفل يذهب إلى النوم في سريره في الوقت المحدد إذا أحسّ برضى والدته عن عمله فإنه سيحرص على الذهاب إلى سريره كل ليلة في الوقت المحدد ليحظى بقبلة من والدته .
2ـ الألفاظ مثل : ممتاز ، أحسنت ، وينبغي أن توزع باعتدال وبمنهجية ، بحيث تتلاءم كل كلمة مع طبيعة النجاح الذي تحقق ومقداره، كأن تقول المعلمة للطفل الذي يجيب إجابة صحيحة جيد، وللذي يجيب إجابة أفضل منها جيد جداً، أما الطفل الذي يبدع في إجابته فإنها تقول له ، ممتاز أحسنت ؛ حيث إن تنويع ألفاظ التعزيز تثير حماس الأطفال لسماع كلمة ممتاز فيعملون عقولهم وتنشط أفكارهم بحثا عن الإجابة الدقيقة التي تريدها المعلمة، كما أن تنويع ألفاظ التعزيز يجعلها تحتفظ بأثرها فلا تفقد كلمة ممتاز قيمتها المميزة .
3ـ تحية الطفل الذي يجيب إجابة دقيقة تنم عن إعمال الفكر بالتصفيق الجماعي الذي ينم عن الاستحسان من قبل المعلمة والزملاء .
4ـ النجوم ، حيث تقوم المعلمة بلصق نجمة على جبين الطفل، أو على كراسته ، أو مقابل اسمه على لوحة النجوم ، وهذه الأخيرة هي الأفضل . لأنها تثير حماس الأطفال، وتدوم مدة أطول .
5ـ الحوافز المادية مثل : النقود ، الحلوى ، الهدايا ، الألعاب ، اصطحاب الطفل في رحلة إلى حديقة الحيوان أو إلى مدينة الألعاب ، أو إلى غير ذلك من الأماكن التي تستهويه ، وربما يكون التعزيز بزيادة درجة النشاط .
وقد أشارت الدراسات التي أُجريت حول تأثير الحوافز الاجتماعية بأنها أكثر تأثيراً في تعزيز السلوك المحمود لدى الطفل، في حين يأتي أثر الحوافز المادية تالياً لدى معظم الأطفال ، كلارك 1993م .
ويحدد الخبراء التربويون وعلماء النفس الأسس التي يجدر بالمربين اتباعها أو ملاحظتها عند توظيف وسائل التعزيز ، ومن هذه الأسس :
1ـ عدم تأخير المكافأة ، وتعزيز السلوك الإيجابي فور حدوثه مما يدخل السرور على نفس الطفل فيحرص على تكرار السلوك المحمود بحثاً عن المزيد من المكافآت
2ـ إشعار الطفل بأن المكافأة التي حصل عليها ثمرة للسلوك المحمود الذي قام به .
3ـ عدم تقديم المكافأة للطفل قبل القيام بالعمل الذي يتطلب منه القيام به ؛ لأن المكافأة في هذه الحالة قد تفقد تأثيرها ، وربما يتقاعس الطفل عن القيام بالنشاط المطلوب منه بعد حصوله على المكافأة المرجوّة .
4ـ عدم التساهل في التعامل مع السلوك المذموم أو الانحرافات التي قد تصدر عن الطفل ، واللجوء إلى التنبيه أو إلى العقوبة الخفيفة التي لا تلحق أذى بنفسه أو بجسده ، كدليل على عدم الرضى عن السلوك المذموم الذي بدر منه ،ويمكن التعامل مع ما يصدر عن الطفل من انحرافات بالوسائل الآتية :
1ـ تنبيه الطفل للعواقب التي تترتب على سلوكه ، فإذا كرر الخطأ ، فإن المربية تلجأ إلى توبيخه .
2ـ حرمانه من مشاهدة التلفاز أو الخروج في رحلة محببة إليه .
3ـ اللجوء إلى العقوبة الجسدية الخفيفة غير المؤذية مع إشعاره بالغضب منه مع الأخذ بعين الاعتبار أن العقوبات القاسية كالتحقير أو الضرب العنيف قد تدفع الطفل إلى العناد ، أو إلى معاداة المربية التي ضربته .
وتنهض الحوافز المعنوية والمادية بدور مهم في تعديل سلوك الطفل فهي Sad ديماس 1999م ):
ـ تحفز دوافع الطفل للعمل ، وتساعد على حدوث التعلم ، فهي تثير حماسه و تجعله يتبع التعليمات أو ينفذ المهمة، لأنه يتوقع الإثابة عند إنجاز المهمة الموكلة إليه .
ـ وتحفزه على تكرار العمل الذي نجح به في المستقبل ، فإن الهدية التي تقدم للطفل المتفوق تحفزه لإحراز المزيد من التفوق .
ولكي تكون المكافأة أكثر تأثيراً على سلوك الطفل فإن الخبراء ينصحون بما يلي :
ـ مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال بأن يُقدم للطفل الرياضي ـمثلاً ـ مكافأة تتناسب مع هوايته ككرة القدم في حين أن الطفل ذو الميول الفنية تقدم له علبة ألوان على سبيل المثال .
ـ تنويع الحوافز ، وعدم الإفراط في تقديم المكافآت ؛ لكي لا يملها الطفل فتفقد تأثيرها ، بل نقدمها إليه في الوقت الذي نلمس فيه حاجته إليها من أجل تنمية وتطوير موهبته.
ـ تقديم المكافأة فور حصول الفعل المرغوب فيه ، وعدم تأخيرها لأن التأخير يفقدها الكثير من تأثيرها.
ـ التوقف عن تقديم المكافأة حين وقوع السلوك المذموم لكي لا يعتبر تعزيزاً للخطأ.
فإذا استطاعت المربية ـ الأم أو المعلمة ـ أن تلتزم بهذه المعايير ، وأن توظف الحوافز المعنوية والمادية في توجيه سلوك الطفل ، فإنها تكون بذلك قد قامت بدور حسن في سبيل إعداد الطفل لانطلاقة رائعة قد توصله إلى عالم المبدعين .
اتمنى انفعكم